ابدأ بالتواصل مع الأشخاص وتبادل معارفك المهنية

أنشئ حسابًا أو سجّل الدخول للانضمام إلى مجتمعك المهني.

متابعة

اشتهر العديد من الشعراء في الشعر القصصي والملحمي فمن أشهرهم قديما وحديثا؟ وما مفهوم الشعر الملحمي؟ وما أشهر الأعمال في هذا الميدان؟

user-image
تم إضافة السؤال من قبل Yahia mohamed Amen Gad , إدارة - مدرب - , سنابل الأجيال للتعليم والتدريب
تاريخ النشر: 2016/01/30
Abd El Sattar Ali
من قبل Abd El Sattar Ali , مساعد مدير قسم تكنولوجيا المعلومات , شركة الياسمين بيتش للمشروعات السياحية

يعد الشعر الملحمي هو من أوائل أشكال الأدب العربي الذي انتشر بين قبائل الجاهلية قبل الإسلام، حيث نشأت القصيدة، وهي الشكل الثابت للنظم الشعري . القصيدة هي أبيات شعرية طويلة تسرد أحداث حدثت في حياة الشاعر أو في قبيلته، تكون القصيدة أحيانا درامية، وأحيانا تتميز بلمحة ملحمية. كان الشعر في عصور ما قبل الإسلام ينقل، ويحفظ شفويا، ذلك حتى أواخر القرن السابع بعد الميلاد إلي أن بدأ الطلاب العرب في جمع وتسجيل الأبيات الشعرية، والقطع النثرية القصيرة التي كانت راسخة في أذهان الحفظة المحترفين .

 

الملحمة لغة ومصطلحا :

الـمـلـحمة في اللغة بمعنى الحرب وانما سميت بذلك لامرين : اءحدهما تلاحم الناس اءي تداخلهم بعضهم في بعض ,والاخر اءن القتلى كاللحم الملقى .

وذكـر ابـن مـنـظور اءن : الملحمة : الوقعة العظيمة القتل , وقيل موضع القتال . واءلحمت القوم اذا قـتـلـتهم حتى صاروا لحما.واءلحم الرجل الحاما واستلحم استلحاما اذا نشب في الحرب فلم يجد مخلصا... والجمع الملاحم ماءخوذ من اشتباك الناس واختلاطهم فيها كاشتباك لحمة الثوب بالسدى , وقـيـل هـو مـن الـلـحم لكثرة لحوم القتلى فيها... والملحمة :الحرب ذات القتل الشديد... والوقعة العظيمة في الفتنة ...  .

وقد وردت الملحمة ومشتقاتها في الشعر كثيرا, من ذلك قول الاخطل (()) : حتى يكون لهم بالطف ملحمة ـــــ وبالثوية لم ينبض بها وتر (()) وقول عجير السلولي (()) : ومستلحم قد صكه القوم صكة ـــــ بعيد الموالي , نيل ماكان يجمع (()) وقول القطامي (()) : ولم يستخبر العلماء عنا ـــــ ومن شهد الملاحم والوقاعا (()) وكذلك ما ذكره اءبو تمام عن لسان امراءة من بني الحارث (()) : فارس ما غادروه ملحما ـــــ غير زميل ولا نكس وكل (()) اءمـا الـمـلحمة في المصطلح الادبي فهي : نوع خاص من الشعر القصصي البطولي , الذي لم تعرف الـعربية شبيها له , من حيث البناء القصصي المكتمل , ومن حيث الحجم العددي للابيات الشعرية التي تبلغ الالاف , ومن حيث الشخصيات التي تسمو فوق المستوى العادي للناس الاسوياء, وتتصف بما هو مـن سـمـات الابـطـال الاسطوريين , ومن سمات الالهة , اءو اءنصاف الالهة , في المعتقدات الوثنية الـبـدائيـة , ومن حيث الاحداث والوقائع الخارقة التي تتخللها, ومن حيث اءن الوقائع الحربية التي يـخـوض الابـطـال الـملحميون غمارها, والمثر الخارقة التي يحققونها, تدخل في صميم الصراع الـوطـنـي والـقـومـي , دفـاعـا عـن حق مغتصب , وفي سبيل اءن تحيا الامة التي يمثلونها بحرية وكرامة وهناء (())

الملحمة قديما وحديثا :

قـسـم الغربيون الشعر منذ اءقدم عصوره اءربعة اءقسام : شعر قصصي وتعليمي وغنائي وتمثيلي

وتـدخل الملحمة بقصائدها القصصية الطويلة في الضرب الاول كما تبين من تعريفها. والشاعر في هذا الضرب القصصي لا يتحدث عن عواطفه واءهوائه , فهو شاعر موضوعي ينكر نفسه , ويتحدث فـي قـصته عن بطل معتمدا على خياله , ومستمدا في اءثناء ذلك من تاريخ قومه , وكل ماله اءنه يخلق القصة ويرتب لها الاشخاص والاشياء, ويجمع لها المعلومات , ويكون من ذلك قصيدته , وعادة ينظمها من وزن واحد لا يخرج عنه  .

ويـمـكـن حـصر الشعر الملحمي تاءريخيا في ثلاث مراحل : مرحلة التعبير عن اءزمة وجودية بـالـنـسبة الى ما وراءالوجود, حيث المزيج من روحانية ومادية , من عقائد وخرافات , ومن حقائق واءسـاطـيـر. ومـرحلة تعبير عن اءزمة اجتماعية في تنازع وجودي , ثم مرحلة تعبير عن اءزمة قومية .

ومـن هـنا تميز نوعان من الملاحم : الملاحم الطبيعية والملاحم الاصطناعية . فالاولى وهي التي تظهر في المراحل البدائية من حياة الامم وتاريخ الشعوب , وتصاغ بصورة تلقائية وعضوية , ويكون نـاظموها ورواتها والذين يتداولونها, مؤمنين بما تتضمنه من ذكر الخوارق , وتدخل الالهة في حياة البشر, ايمانا مطلقا لا تشوبه شائبة من الريبة والشك . والثانية وهي التي يصنعها الشعراء في الازمنة المتاءخرة , وينظمونها على نهج الملاحم الطبيعية ,ومحاكاة لمضامينها واسلوبها من غير اءن يكونوا بـالـضـرورة مـؤمـنـيـن بـمـا يـصـفـون مـن حـوادث , ويـنسجون من خوارق ,ويصورون من بطولات   .

ومـن الـنـقاد من قسم الملحمة قسمين : ملحمة اءدبية وملحمة شعبية . ففي الاولى يعلن الشاعر في مـسـتـهل قصيدته عن موضوعها, ثم يبتهل لربة الشعر ويذكر القصة واءحداثها, وتدخل الالهة في شؤون البشر, مستخدما التشبيهات الطويلة والمعقدة , واءسماء الابطال والاشياء الهامة لحياة الابطال كـالاسـلـحة والسفن وما الى ذلك ... اءما الثانية فيتضح فيها النقل مشافهة والتكرار وتجرؤ السرد, الامر الذي يدل على اءنها لم تكن نتاج زمن واحد اءو قريحة واحدة .

ومـن اءبـرز الـمـلاحـم الـشـعـريـة الـتي عرفها التاءريخ ملحمة الالياذة للشاعر الاغريقي هوميروس , وقد نقلها الى العربية في مستهل هذا القرن سليمان البستاني . والالياذة قصة شـعـريـة طـويلة تدور اءحداثها حول معارك طاحنة وحروب عظيمة واءساطير واءمور خارقة , تـنـشب بين شعبين متصارعين دفاعا عن مثل ومبادى ء انسانية . ويبرز من كل جانب جماعة من القادة والابـطـال الاسـطوريين , وتدخل الالهة في حوادثها ووقائعها الخارقة , وقد ابدع هوميروس في صـيـاغـة مـلـحـمـته صياغة فنية رائعة من حيث التسلسل القصصي المتناسق , والتوالي المنتظم لـلاحـداث ,والتعبير المؤثر عن اءغراضه ومراميه . وقد اءشار اءرسطو الى الميزة الرئيسية في الملحمة حيث قال : ومن بين المناقب التي تجعل هو ميروس خليقا بالثناء اءنه كان الوحيد مـن بين الشعراء, الذي لا يجهل متى يتدخل بنفسه في القصيدة . فالحق اءن الشاعر يجب اءن لا يتكلم بنفسه ما استطاع الى ذلك سبيلا, لانه لو فعل غير هذا لما كان محاكيا .

ولـمـا كان الشعر الملحمي من الفنون الادبية العريقة ذات الجذور التاريخية الطويلة , فقد تداولته اءمـم وشـعـوب مختلفة غير اليونان , اءمثال الرومان في ملحمة الانياذة لفرجيليوس , والهنود في مـلاحـم الاوبـا نـيـشاد و الفيدا و الرماياناو المهابهارتا, والفرس في ملحمة الشاهنامه لـلـشاعر الكبير الفردوسي , والترك في شاهنامه الشاعر الفردوسي الطويل , واضافة الى الامم الـقـديمة فان الشعوب الحديثة قد تغنت بهذا الفن الادبي وانتجت شعرا ملحميا على غرارالملاحم الـقـديـمـة , مـنـهـا اءنشودة رولان الفرنسي , واءشعار ملتون الانجليزي , ومنظومات هيلدبراند الالماني ,والكوميديا الالهية لدانتي الايطالي , وغيرها من الملاحم الحديثة .

وبالرغم من انتشار اءدب الملحمة بين مختلف الشعوب والامم فاننا لانجد لهذا الفن اءثرا في الشعر الـعـربـي سـوى قـصائد معدودة ومقطوعات قصيرة ذات نفس ملحمي لا يمكن ضمها الى الملاحم العالمية المعروفة . وقد شغل الباحثون في تعليل هذا الامر واءوردوا اءسبابا عدة . منها: قول من زعم اءن الـعرب نظموا فيه كثيرا وضاع مانظموه , فلم يبق لعهد التدوين والرواية الا القليل مما ذكرت فـيـه اءخبار الحروب   وهو قول ترده الشواهد والدلائل التاريخية . ومنها : اءن خيال الـجـاهـلـيـيـن لم يتسع للملاحم والقصص الطويلة لانحصاره في بادية متشابهة الصور,محدودة المناظر, ثم لماديتهم وكثافة روحانيتهم , ثم لفرديتهم وضعف الروح القومية والاجتماعية فيهم , ثم لقلة خطر الدين في قلوبهم وقصر نظرهم عما بعد الطبيعة , فلم يلتفتوا الى اءبعد من ذاتهم , ولا الى عـالـم غـيـر الـعالم المنظور,ولا تولدت عندهم الاساطير الخصيبة , ولم يكن لاصنامهم من الفن والـجـمـال مـا يـبـعث الوحي في النفوس شاءن اءصنام اليونان والرومان , فقل من ذكر منهم اءوثانه واسـتـوحـاهـا فـي شعره . ولم يساعدهم مجتمعهم على التاءمل الطويل وربطالافكار وفسح آفاق الـخيال , لاضطراب حياتهم برحيل مستمر, فجاء نفسهم قصيرا كاقامتهم , وخيالهم متقطعاكحياتهم , صـافـيـا واضحا كسمائهم , داني التصور محدود الالوان كطبيعتهم . وكانت ثقافتهم الادبية فطرية خـالصة يتغذى بعضهم من بعض , ولا يقبلون لقاح الاداب الاجنبية الراقية لجهالتهم واعتزال باديتهم وتـمـردهـا, وكـذلـك كـانـت عـلـومهم ساذجة لا تفتح نوافذ النور للنظر في النفس وما بعد عالم الهيولى  .

وثـمـة تعليلات اخرى فسرت انعدام الفن الملحمي في الشعر العربي , منها: اءن القصة في الشعر الـجـاهلي ضعيفة الفن لاقتصارها على الخبر البسيط والسرد السريع ... ولا جرم ان الايجاز الذي درج عـلـيـه الـجـاهـلـي كان يحول بينه وبين الاسهاب في اءخباره ... فلم يتوفر له عمل الملاحم والقصص الطويلة. ومنها اءن الوثنية العربية في الجاهلية لم تكن تلك الوثنية المكتملة , الـمعقدة والمركبة بل كانت وثنية في اءبسط اءشكالها وكانت تتعايش مع مذاهب توحيدية , كاليهودية والـنـصـرانـيـة  . ومـنـهـا اءن الـتـقليد الشعري الاصولي السائد, والمتمثل بسلطة الـقـصـيـدة الـغنائية ذات القافية الواحدة والوزن الواحد لم يكن يسمح بنظم المطولات القصصية الملحمية.

ومـهـمـا تكن العلل والاسباب فان الشعر العربي قد افتقر الى الشعر الملحمي بشكله المتكامل في الملاحم المطولة .ولكن هذا لا يعني اءن الشاعر العربي لم يطرق المعاني التي تطرق اليها اءصحاب الـمـلاحـم , وخاصة ما يتعلق بذكرالبطولة والشجاعة , والفخر والحماسة . فالمعروف عن الشعر الـعـربـي غـزارته بالمعاني المذكورة , وشغف الشعراءبتداولها والاكثار من استعمالها. ومن اءبرز الـقـصـائد الـمـلحمية العربية التي جسدت معاني البطولة والاقدام اءروع تجسيد المعلقات السبع , وخاصة معلقة عمرو بن كلثوم الذي يقول في مطلعها: اءلا هبي بصحنك فاصبحينا ـــــ ولا تبقي خمور الاندرينا ومعلقة الحارث بن حلزة الذي يستفتحها بقوله : آذنتنا ببينها اءسماء ـــــ رب ثاو يمل منه الثواء  ومعلقة عنترة بن شداد  الذي يستهلها قائلا: هـل غـادر الـشـعراء من متردم ـــــ اءم هل عرفت الدار بعد توهم  واذا ما انتقلنا الى الـشـعـراء فـي الـعـصـر الاسـلامـي فـاننا نلمس بوضوح النفس الملحمي الصاعد من شعر تلك الفترة وخاصة ابان الغزوات والفتوح الاسلامية .

وقـد اشـتـهـرت في هذه الفترة سبع قصائد طويلة عرفت بالملحمات   , وهي من صنع : الـفـرزدق  ,وجـريـر  , والاخـطـل , وعـبـيـد الـراعي  , وذي الرمة , والكميت   , والطرماح .

وبعد هذه الفترة شهد الشعر العربي وعبر اءعصره المختلفة اءلوانا من الشعر الحماسي والملحمي الـفـت فـيـه دواويـن خاصة عرفت بدواوين الحماسة . ومن اءشهرها: حماسة اءبي تمام , وحماسة البحتري , وحماسة ابن الشجري ,والحماسة المغربية والحماسة البصرية.

واسـتمرت محاولات الشعراء في طرق الشعر الملحمي حتى مستهل القرن العشرين حيث ظهرت الـمـلحمة ظهوراملفتا للنظر وبثوب جديد وبمواضيع قومية وعقائدية وتاريخية قلما تطرق اليها الشعراء في العصور السابقة . وقد ردبعض الادباء هذه الظاهرة الى يقظة العرب القومية منذ بدء هذا القرن والتفاتهم الى اءمجادهم السالفة  .

ولـعـل اءول مـحـاولـة مـلـحـمـيـة ظـهرت فـي هـذا العصر هي ملحمة الشاعر الشيخ كاظم الازري  المعـروفة بـالازرية .

والازريـة مـلحمة فـي مـدح الـرسول الاكرم (ص ) وذكـر مولده ومعجزاته , ومدح الامـام علي (ع ) وذكر مناقبه والحـروب التي شـارك فيها والاحـداث التي عاصرها (ع ).

وتبلغ الملحمة اءلـف بيت اءكـلت الارضـة جملة مـن اءبياتها وبقي منها بيتا, ومطلعها: لمن الشمس في قباب قباها ـــــ شف جسم الدجى بروح ضياها  وقد تبارى غير واحد مـن الـشـعـراء فـي مـحـاكـاة هـذه الـقـصـيـدة والسير على نهجها, منهم الشاعر محمد جواد الكربلائي ,المتوفى سنةه, وقد بلغت اءبيات قصيدته بيتا. يقول في مطلع قصيدته : اءهي الشمس في سماء علاها ـــــ اءخذت كل وجهة بسناها  وكــذلـك الـشـاعـر عبد الحسين الحـويـزي ( ـه) فـي ملحـمته المعـروفـة بـفريدة البيان والتي تـربـو على الالـف بيت , ومطلعها: لمن العيس في البطاح براها ـــــ مثل بري القداح جذب براها ومن الملاحم العربية المهمة التي ظهرت في مستهل القرن العشرين القصيدة العلوية المباركة لعبد الـمـسـيح الانطاكي  , وقد قال عنها: عنيت على نوع خاص اءن اءجعل القصيدة المباركة الـعـلـوية تاريخا شعريا لصدرالاسلام , لا يتخلله نثر اءبدا. ويعرف الشعراء ما في ذلك من الوصب ولكنه وصب محبوب لقلب شغف بثاني الكاملين واءخي الرسول الامين اءحد سيدي الثقلين سيدنا علي بـن اءبـي طـالب اءبي الحسنين عليهم وعلى المصطفى الصلاة والسلام ... ولقد دعوت هذه القصيدة الـمباركة باسم ملحمة اتباعا للمغاربة الذين اءطلقوا هذه الكلمة على ما وضعوه نثرا اءو نظما من وقائعهم الحربية وقصصهم التاريخية ونوادرهم الادبية  .

وقـد بلغ عدد اءبيات العلوية المباركة بيتا انتهى الشاعر من نظمها سنةه . ومطلع القصيدة : اءزين ملحمتي الغرا واءحليها ـــــ بحمد ربي فليحمده قاريها (()) والـملاحم في هذا الخصوص كثيرة جدا (()) الا اءن الباحثين والمحققين اهتموا بملحمتين كـبيرتين هما ملحمة الشاعر بولس سلامة (()) المعروفة بـعيد الغدير وهي منظومة في بيتا, اءولها: يامليك الحياة اءنزل عليا ـــــ عزمة منك تبعث الصخر حيا (())

وملحمة اءهل البيت (ع ) للشاعر عبدالمنعم الفرطوسي حيث مدار البحث عليها يدور.

أتفق مع إجابة الأستاذ الفاضل عبد الستار لأنه أفاض وأجاد

مها شرف
من قبل مها شرف , معلمة لغة عربية , وزارة التربية السورية

شكرا للدعوة افاض الأستاذ عادل عبد الستار بالإجابة واجاد. 

عبد الرحمن ابراهيم محمد العمايره
من قبل عبد الرحمن ابراهيم محمد العمايره , معلم , وزارة التربية والتعليم

الشعر لؤلؤة في تاج العرب طوروها وتفننوا في تشكيلها وأبدعوا في تلوينها بما يناسب كل عصر من العصور وانصب اهتمامهم في أول الأمر على الشعر الغنائي الذي يضم المدح والهجاء والفخر والوصف والرثاء والغزل..ثم ارتقى إلى.الشعر الموضوعي الذي يضم الشعر القصصي والشعر المسرحي والشعر الملحمي. وموضوعنا هو هذه المواضيع الشعرية الأخيرة. وسنستهل مقالنا بتوضيح حقيقة الملحمة. الملــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــحمة *رواية شعرية طويلة تدور حول البطولات والمواقف الجليلة في جو من الخوارق ’تهدف إلى غاية قومية أو إنسانية ’فالملحمة إذن من الفنون القصصية وما الشاعر إلا شاهد لما يروي ومن ثمة فهي موضوعية لا ذاتية. وهي شعرية لأنها تروي خوارق من صنع الخيال. وهذا العالم الخيالي لا يشاد إلا بالشعر. وهي رواية طويلة لان أحداثها ممتدة عبر التاريخ تتناول الحروب بين الشعوب والأمم ’ فهي خلاصة تراث الشعوب وأمجادها القومية وهي صلة الماضي بالحاضر ورباط الروح الوطنية بين أفراد الأمة. حتى قال بعضهم:( إن امة خالية من الملاحم هي امة بلا روح ولا مثل عليا ولا تاريخ ).فهي سجل لعقائد الأمة ونزعاتها وأخلاقها وهي روح الشعب وفكر الأمة. وهي ذات نزعة إنسانية لأنها تغن بالشرف والجلال والتفوق في عالم الحرية والإباء والتعالي. والشعر الملحمي قديم في الآداب اليونانية القديمة عند هوميروس في الإلياذة ولأوديسا. أما في الأدب العربي فهو فن مستحدث. ومع ذلك فقد حوى الشعر العربي القديم عناصر ملحمية تمثلت في وصف الحروب والمعارك كمفاخر عنترة وعمرو بن كلثوم والمتنبي الذي يقول في وصف معركة لسيف الدولة مع الروم: 

أتوك يجرون الحديد كأنما سرو بجياد مالهن قوائم

خميس بشرق الأرض والغرب زحفه وفي أذن الجوزاء منه زمازملكنها لم تكن أعمالا ملحمية تامة لتغلب النزعة الذاتية عليها فقد ضاعت الملحمة والجانب الوصفي تحت بريق الفخر وإبراز الذات.أما في بداية العصر الحديث نقل سليمان البستاني إلياذة هوميروس شعرا إلى العربية. وحاول بعض الشعراء كتابة ملاحم عربية فألفشفيق المعلوف ملحمة بعنوان عبقر ومحمد توفيق ملحمة سماها *المعلقةالإسلامية *وفوزي المعلوف كتب ملحمة بعنوان *علىبساطالريح *واحمد محرم كتب الإلياذةالإسلامية. وكان احمد شوقي قبل هؤلاء قد نظم قصيدة مطولة تضم 264 بيتا بعنوان*كبرياتالحوادثفيوادالنيل *تناول فيها تاريخ مصر الفرعوني يقول في مطلعها: وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي وفي الجزائر ألف مفدي زكرياء إلياذة الجزائر تعرض فيها إلى تاريخ الجزائر عن طريق ذكر أمجادها من قبل الفتح الإسلامي حتى الاستقلال من الاستعمار الفرنسي. يقول في إحدى مقاطعها: 

1 تأذن ربك ليلة قدر وألقى الستار على ألف شهر 2 جزائر يا بدعة الفاطر ويا روعة الصانع القادر

خصائص الشعر الملحمي:قبل أن نتطرق للخصائص يجدر بنا أن نميز بين نوعين من الملاحم 1- الملاحم اليونانية والغربية القديمة. 2- الملاحم العربية المستحدثة. الملاحم اليونانية والغربية القديمة تمتزج فيها الأسطورة مع الحقيقة ويقوم بصناعة أحداثها أبطال خرافيون يتصفون بقدرات لا يتوفر عليها البشر وبأمزجة بدائية سريعة التحول والتلون. أما الملاحم العربية المستحدثة تتناول صفحات من تاريخ الأمة العربية الإسلامية أو جانب من حياة شعوبها. فهي متقيدة بالأحداث التاريخية. وشخصياتها حقيقية صنعت فعلا هذه الأحداث. فمفدي زكرياء لم يتناول في إلياذته سوى حقائق تاريخية معروفة ليس فيها خوارق ولا مخلوقات خرافية. إذا كان الجانب الموضوعي هو الغالب على الملاحم اليونانية إذ لا نكاد نحس بشخصية الشاعر فيها. فنحن عندما نقرا الملاحم العربية نحس بذاتية الشاعر فهو الذي يتحدث إلينا ويعبر عن أحاسيسه ومشاعره وآرائه. يقول مفدي:ويأبى الحديد استماع الحديث إذا لم يكن من روائع شعري كيف يتم بناء الملحمة ؟...يتم بناء الملحمة كما يتم بناء القصة من سياق مترابط الأجزاء وهو ما يسمى بالوحدة التاليفية محورها حادث هام يدور في فلكه الأبطال تتخللها بعض المواقف الغنائية التي تعد محطات للاستراحة من تتبع سرد الأعمال والبطولات.’لاسيما أن الشعوب البدائية ميالة إلى استماع الحديث الطويل ومزج الفنون بعضها ببعض وهكذا تسير الملحمة بسردها القصصي بهدف واحد تتعدد فيه المفاجآت . كما تبدوا الملحمة بحرا واسعا تتدافع فيه الأمواج إلى حد تكاد تتكافأ فيه القوى المتصادمة فتتأزم الأمور وتتعقد ثم تنفرج بحادث مفاجئ يقود إلى الحل فيكون الختام. * الملحمة نوعان:1 طبيعية 2 مصطنعةطبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــعية *تنشا في مخيلة شعب بدائي فردد ت أحداثها الالسنة وتغنت بها القلوب ثم جاءت عبقرية الشاعر فجمعت الأحداث وربطت الأناشيد وأخرجت بذلك أثرا فنيا ضخما كما هو الحال في إلياذة هوميروس واديسته. المصطنعة *أما الملحمة المصطنعة أو العلمية فهي من فيض قريحة شاعر نشا في عصر تقدم وتفكير وحضارة فتناول موضوعا تاريخيا وأرسل فيه خياله مضخما فاخرج منه قصة شعرية طويلة حافلة بالخوارق وعظيم الأعمال. وهكذا فالملحمة الطبيعية مثل الملحمة المصطنعة موضوعا وبناء وعبارة وان اختلفت عنها في العهد التاريخي لظهورها وناحية طريقة ظهورها. من الملاحم المصطنعة انياذة فرجيل أوفرجيليوس الشاعر اللاتيني و هنريادة فولتير الفرنسي. 

2- الشعر المسرحي

انه التعبير الفني عن حادث من حوادث الحياة البشرية بإحياء مشهده وما يجري فيه من عمل. وهكذا فالفن المسرحي مشهد ناطق متحرك وهو على حد قول أرسطو محاكاة والمؤلف في هذا الفن يتوارى عن الأنظار ويظهر في هذا العمل الأشخاص بأفعالهم وأخلاقهم. وموضوعات المسرح الشعري إما تاريخية وإما أسطورية وإما تحليلية. تطور الشعر المسرحي في الأدب العربي *لم يعرف العرب قديما الشعر المسرحي إلا ما كان من أبي العلاء المعري في رسالة الغفران التي اعتبرتها الدكتورة عائشة عبد الرحمن نصا مسرحيا يعود إلى القرن الرابع الهجري. رغم احتكاك العرب قديما بالثقافة اليونانية إلا أنهم لم يحاولوا ترجمة آدابهم ذات الطابع الوثني لتعارضها مع العقيدة الإسلامية باستثناء اثرين في البلاغة والشعر لأرسطو.ولم يظهر الفن المسرحي إلا في القرن التاسع عشر فقد حاول بعض الشعراء العرب أن يقدموا للمسرح أعمالا شعرية من ذلك ما قام به الشيخ خليل اليازجي في مسرحية * المروءة والوفاء * إلا أنها كانت محاولات ناقصة وبقي الأمر كذلك إلى أن جاء احمد شوقي الذي كانت له صلته بالأدب الفرنسي وطيدة فتأثر بالمسرح التقليدي الكلاسيكي في* استمداد الموضوعات من التاريخ القديم * واختيار الأبطال من علية القوم * وتوظيف اللغة الراقية * فكتب مجنون ليلى * عنترة * مصرع كليوباترة *قمبيز * علي بك الكبير * الستهدى وهي خمس مسرحيات درامية وملهاة واحدة. وقد استقى مادتها من التاريخ الفرعوني والعربي والمجتمع المصري في عصره. وكتب بعده عزيز أباظة *غروب الشمس * شهريار *العباسة أخت الرشيد.ويرى النقاد أن مسرحيات عزيز أباظة أقوى من الناحية الفنية من مسرحيات شوقي. ثم كتب صلاح عبد الصبور *مأساة الحلاج*الأميرة تنتظر. عالج فيها مشكلات فلسفية واجتماعية. غير أن الشعر المسرحي ما يزال محصوله قليلا في الأدب العربي بالنسبة للشعر الغنائي.خصائص الشعر المسرحي *- يكتب ليعرض على الجمهور – يعتمد على الحوار – تعتمد المسرحية على عناصر أساسية هي:التمهيد أو المقدمة والعقدة والحل.في التمهيد يعرض الشاعر الشخصيات والموضوع والزمان والمكان ويشترط فيها أن تكون موجزة مجملة تلمح إلى الموضوع تلميحا من غير تفصيل ولا كشف للمجهول ويتم ذلك عن طريق الحوار.أما العقدة فهي العنصر الأساسي في بناء الحبكة الفنية وهي تنطوي على اشتباك الوقائع والأحداث والمصالح والمنازع والمفاجآت والتحولات مما يبعث الشك في صدور المشاهدين والقلق والتطلع إلى الحل. الحل *وهو خاتمة المطاف والنتيجة التي تصل إليها أحداث المسرحية فتنحل العقدة ويتضح مصير البارزين من أبطال المسرحية ويكون مفجعا في المأساة وسعيدا في الملهاة. وينصح نقاد المسرحية بان يكون الحل متفقا مع مشاعر الجمهور مرضيا لكل توقعات النفس البشرية لكن البعض لم يلتزم بهذه النصيحة بحجة أن الحياة ليست دائما كما نتوقع. والى جانب هذا تنقسم المسرحية إلى فصول ومشاهد أو مناظر. الفصول هي المراحل الكبرى للعمل والمشاهد هي أجزاء الفصل.والفاصل بين فصل وفصل تسمى استراحة. 3-الشعر القصصيإن الشعر القصصي *قصة تقدم شعرا أو هو شعر موزون مقفى يقدم قصة قصيرة متكاملة الأجزاء متناسقة العناصر. تطوره * الشعر العربي القديم يعنى بإبراز عواطف الشعراء الذاتية وتحديد مواقفهم من الحياة وقلما يلتفت إلى غير ذلك وهو ما جعل الشعر القصصي والمسرحي والملحمي قليلا. وما وجد فانه عبارة عن بذور لعناصر قصصية كما هو الشأن بالنسبة لقصيدة * من قصص الكرم *للحطيئة والتي يقول فيها * وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل ببيداء لم يعرف بها ساكن رسما أخي جفوة فيه من الإنس وحشة يرى البؤس فيها –من شراسته – نعمى إنها قصة ضيافة بدوية عرضها الحطيئة تامة الجوانب مكانها الصحراء وزمانها الليل أشخاصها أسرة فقيرة جائعة يقبل عليها ضيف عقدتها تتمثل في قدوم الضيف وعدم توفر الغذاء وتزداد تعقدا بالتفكير بذبح الابن ويأتي الحل بظهور قطيع من الحمر الوحشية وتنتهي القصة نهاية سعيدة. وقد تنوعت الأساليب فيها. أما في العصر الحديث *فقد لجا إلى القصة أو الأقصوصة كثير من الشعراء على رأسهم المجددون في الشعر وقد أعانهم الأسلوب القصصي على تحقيق مبادئهم في تحقيق الوحدة العضوية في الشعر. وكان المحافظون قبلهم قد حاولوا الكتابة في القصة كما فعل شوقي في شعره التعليمي يقول في قصيدة الأسد والضفدع **قالوا: استوى الليث على عرشه فجيء في المجلس بالضفدع وقيل للسلطان: هذي التي بالأمس آذت عالي المسمع تنقنق الدهر بلا علة وتدعي في الماء ما تدعي فانظر إليك الأمر في ذنبها ومر نعلقها من الأربع فنهض الفيل وزير العلا وقال: يا ذا الشرف الأرفع لا خير في الملك وفي عزه إن ضاق جاه الليث بالضفدع فكتب الليث أمانا لها وزاد أن جاد بمستنقع أما المجددون فقد أحسنوا استعمالها واستغلالها وخاصة بعد أن عرفوا القصة الغربية بخصائصها الفنية فكتب إيليا أبو ماضي الحجرالصغير والتينة الحمقاء التي يقول في مطلعها:وتينة غضة الأفنان باسقة قالت لأترابها والصيف يحتضر وقد شاعت القصص الشعرية كثيرا في دواوين المتأخرين من الشعراء. خصائص الشعر القصصي:الشعر القصصي قصة تقدم شعرا ويتسم هذا النوع من الشعر بتوافره على العناصر الفنية الأساسية للقصة وهي:السرد:ويشتمل على تقديم أحداث القصة. الوصف: ويحتوي على إبراز سمات أشخاص القصة وبيئتهم. الحوار:وهو ما يجري على السنة أشخاص القصة من حديث واستخدام هذه العناصر يتطلب التنويع في أدوات التعبير من استفهام إلى تعجب إلى أمر أو نهي... وما دامت الحياة دائمة التطور والتلون والتبدل فالأدب جزء من هذه الحياة لا بد أن يلامسه التطور حتى يواكب العصر. والشعراء العرب لم يتركوا فرصة قد تخدم أدبنا ألا أحسنوا استغلالها من اجل التغيير وإعطاء نكهة جديدة لشعرنا وإضافة أحجار كريمة إلى تاجنا المرصع الجميل.

Ahmed Mohamed Ayesh Sarkhi
من قبل Ahmed Mohamed Ayesh Sarkhi , Shared Services Supervisor , Saudi Musheera Co. Ltd.

اتفق مع اجابة أ.عادل عبدالستار

عبد الرحمن ابراهيم محمد العمايره
من قبل عبد الرحمن ابراهيم محمد العمايره , معلم , وزارة التربية والتعليم

الشعر لؤلؤة في تاج العرب طوروها وتفننوا في تشكيلها وأبدعوا في تلوينها بما يناسب كل عصر من العصور وانصب اهتمامهم في أول الأمر على الشعر الغنائي الذي يضم المدح والهجاء والفخر والوصف والرثاء والغزل..ثم ارتقى إلى.الشعر الموضوعي الذي يضم الشعر القصصي والشعر المسرحي والشعر الملحمي. وموضوعنا هو هذه المواضيع الشعرية الأخيرة. وسنستهل مقالنا بتوضيح حقيقة الملحمة. الملــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــحمة *رواية شعرية طويلة تدور حول البطولات والمواقف الجليلة في جو من الخوارق ’تهدف إلى غاية قومية أو إنسانية ’فالملحمة إذن من الفنون القصصية وما الشاعر إلا شاهد لما يروي ومن ثمة فهي موضوعية لا ذاتية. وهي شعرية لأنها تروي خوارق من صنع الخيال. وهذا العالم الخيالي لا يشاد إلا بالشعر. وهي رواية طويلة لان أحداثها ممتدة عبر التاريخ تتناول الحروب بين الشعوب والأمم ’ فهي خلاصة تراث الشعوب وأمجادها القومية وهي صلة الماضي بالحاضر ورباط الروح الوطنية بين أفراد الأمة. حتى قال بعضهم:( إن امة خالية من الملاحم هي امة بلا روح ولا مثل عليا ولا تاريخ ).فهي سجل لعقائد الأمة ونزعاتها وأخلاقها وهي روح الشعب وفكر الأمة. وهي ذات نزعة إنسانية لأنها تغن بالشرف والجلال والتفوق في عالم الحرية والإباء والتعالي. والشعر الملحمي قديم في الآداب اليونانية القديمة عند هوميروس في الإلياذة ولأوديسا. أما في الأدب العربي فهو فن مستحدث. ومع ذلك فقد حوى الشعر العربي القديم عناصر ملحمية تمثلت في وصف الحروب والمعارك كمفاخر عنترة وعمرو بن كلثوم والمتنبي الذي يقول في وصف معركة لسيف الدولة مع الروم: 

أتوك يجرون الحديد كأنما سرو بجياد مالهن قوائم

خميس بشرق الأرض والغرب زحفه وفي أذن الجوزاء منه زمازملكنها لم تكن أعمالا ملحمية تامة لتغلب النزعة الذاتية عليها فقد ضاعت الملحمة والجانب الوصفي تحت بريق الفخر وإبراز الذات.أما في بداية العصر الحديث نقل سليمان البستاني إلياذة هوميروس شعرا إلى العربية. وحاول بعض الشعراء كتابة ملاحم عربية فألفشفيق المعلوف ملحمة بعنوان عبقر ومحمد توفيق ملحمة سماها *المعلقةالإسلامية *وفوزي المعلوف كتب ملحمة بعنوان *علىبساطالريح *واحمد محرم كتب الإلياذةالإسلامية. وكان احمد شوقي قبل هؤلاء قد نظم قصيدة مطولة تضم 264 بيتا بعنوان*كبرياتالحوادثفيوادالنيل *تناول فيها تاريخ مصر الفرعوني يقول في مطلعها: وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي وفي الجزائر ألف مفدي زكرياء إلياذة الجزائر تعرض فيها إلى تاريخ الجزائر عن طريق ذكر أمجادها من قبل الفتح الإسلامي حتى الاستقلال من الاستعمار الفرنسي. يقول في إحدى مقاطعها: 

1 تأذن ربك ليلة قدر وألقى الستار على ألف شهر 2 جزائر يا بدعة الفاطر ويا روعة الصانع القادر

خصائص الشعر الملحمي:قبل أن نتطرق للخصائص يجدر بنا أن نميز بين نوعين من الملاحم 1- الملاحم اليونانية والغربية القديمة. 2- الملاحم العربية المستحدثة. الملاحم اليونانية والغربية القديمة تمتزج فيها الأسطورة مع الحقيقة ويقوم بصناعة أحداثها أبطال خرافيون يتصفون بقدرات لا يتوفر عليها البشر وبأمزجة بدائية سريعة التحول والتلون. أما الملاحم العربية المستحدثة تتناول صفحات من تاريخ الأمة العربية الإسلامية أو جانب من حياة شعوبها. فهي متقيدة بالأحداث التاريخية. وشخصياتها حقيقية صنعت فعلا هذه الأحداث. فمفدي زكرياء لم يتناول في إلياذته سوى حقائق تاريخية معروفة ليس فيها خوارق ولا مخلوقات خرافية. إذا كان الجانب الموضوعي هو الغالب على الملاحم اليونانية إذ لا نكاد نحس بشخصية الشاعر فيها. فنحن عندما نقرا الملاحم العربية نحس بذاتية الشاعر فهو الذي يتحدث إلينا ويعبر عن أحاسيسه ومشاعره وآرائه. يقول مفدي:ويأبى الحديد استماع الحديث إذا لم يكن من روائع شعري كيف يتم بناء الملحمة ؟...يتم بناء الملحمة كما يتم بناء القصة من سياق مترابط الأجزاء وهو ما يسمى بالوحدة التاليفية محورها حادث هام يدور في فلكه الأبطال تتخللها بعض المواقف الغنائية التي تعد محطات للاستراحة من تتبع سرد الأعمال والبطولات.’لاسيما أن الشعوب البدائية ميالة إلى استماع الحديث الطويل ومزج الفنون بعضها ببعض وهكذا تسير الملحمة بسردها القصصي بهدف واحد تتعدد فيه المفاجآت . كما تبدوا الملحمة بحرا واسعا تتدافع فيه الأمواج إلى حد تكاد تتكافأ فيه القوى المتصادمة فتتأزم الأمور وتتعقد ثم تنفرج بحادث مفاجئ يقود إلى الحل فيكون الختام. * الملحمة نوعان:1 طبيعية 2 مصطنعةطبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــعية *تنشا في مخيلة شعب بدائي فردد ت أحداثها الالسنة وتغنت بها القلوب ثم جاءت عبقرية الشاعر فجمعت الأحداث وربطت الأناشيد وأخرجت بذلك أثرا فنيا ضخما كما هو الحال في إلياذة هوميروس واديسته. المصطنعة *أما الملحمة المصطنعة أو العلمية فهي من فيض قريحة شاعر نشا في عصر تقدم وتفكير وحضارة فتناول موضوعا تاريخيا وأرسل فيه خياله مضخما فاخرج منه قصة شعرية طويلة حافلة بالخوارق وعظيم الأعمال. وهكذا فالملحمة الطبيعية مثل الملحمة المصطنعة موضوعا وبناء وعبارة وان اختلفت عنها في العهد التاريخي لظهورها وناحية طريقة ظهورها. من الملاحم المصطنعة انياذة فرجيل أوفرجيليوس الشاعر اللاتيني و هنريادة فولتير الفرنسي. 

2- الشعر المسرحي

انه التعبير الفني عن حادث من حوادث الحياة البشرية بإحياء مشهده وما يجري فيه من عمل. وهكذا فالفن المسرحي مشهد ناطق متحرك وهو على حد قول أرسطو محاكاة والمؤلف في هذا الفن يتوارى عن الأنظار ويظهر في هذا العمل الأشخاص بأفعالهم وأخلاقهم. وموضوعات المسرح الشعري إما تاريخية وإما أسطورية وإما تحليلية. تطور الشعر المسرحي في الأدب العربي *لم يعرف العرب قديما الشعر المسرحي إلا ما كان من أبي العلاء المعري في رسالة الغفران التي اعتبرتها الدكتورة عائشة عبد الرحمن نصا مسرحيا يعود إلى القرن الرابع الهجري. رغم احتكاك العرب قديما بالثقافة اليونانية إلا أنهم لم يحاولوا ترجمة آدابهم ذات الطابع الوثني لتعارضها مع العقيدة الإسلامية باستثناء اثرين في البلاغة والشعر لأرسطو.ولم يظهر الفن المسرحي إلا في القرن التاسع عشر فقد حاول بعض الشعراء العرب أن يقدموا للمسرح أعمالا شعرية من ذلك ما قام به الشيخ خليل اليازجي في مسرحية * المروءة والوفاء * إلا أنها كانت محاولات ناقصة وبقي الأمر كذلك إلى أن جاء احمد شوقي الذي كانت له صلته بالأدب الفرنسي وطيدة فتأثر بالمسرح التقليدي الكلاسيكي في* استمداد الموضوعات من التاريخ القديم * واختيار الأبطال من علية القوم * وتوظيف اللغة الراقية * فكتب مجنون ليلى * عنترة * مصرع كليوباترة *قمبيز * علي بك الكبير * الستهدى وهي خمس مسرحيات درامية وملهاة واحدة. وقد استقى مادتها من التاريخ الفرعوني والعربي والمجتمع المصري في عصره. وكتب بعده عزيز أباظة *غروب الشمس * شهريار *العباسة أخت الرشيد.ويرى النقاد أن مسرحيات عزيز أباظة أقوى من الناحية الفنية من مسرحيات شوقي. ثم كتب صلاح عبد الصبور *مأساة الحلاج*الأميرة تنتظر. عالج فيها مشكلات فلسفية واجتماعية. غير أن الشعر المسرحي ما يزال محصوله قليلا في الأدب العربي بالنسبة للشعر الغنائي.خصائص الشعر المسرحي *- يكتب ليعرض على الجمهور – يعتمد على الحوار – تعتمد المسرحية على عناصر أساسية هي:التمهيد أو المقدمة والعقدة والحل.في التمهيد يعرض الشاعر الشخصيات والموضوع والزمان والمكان ويشترط فيها أن تكون موجزة مجملة تلمح إلى الموضوع تلميحا من غير تفصيل ولا كشف للمجهول ويتم ذلك عن طريق الحوار.أما العقدة فهي العنصر الأساسي في بناء الحبكة الفنية وهي تنطوي على اشتباك الوقائع والأحداث والمصالح والمنازع والمفاجآت والتحولات مما يبعث الشك في صدور المشاهدين والقلق والتطلع إلى الحل. الحل *وهو خاتمة المطاف والنتيجة التي تصل إليها أحداث المسرحية فتنحل العقدة ويتضح مصير البارزين من أبطال المسرحية ويكون مفجعا في المأساة وسعيدا في الملهاة. وينصح نقاد المسرحية بان يكون الحل متفقا مع مشاعر الجمهور مرضيا لكل توقعات النفس البشرية لكن البعض لم يلتزم بهذه النصيحة بحجة أن الحياة ليست دائما كما نتوقع. والى جانب هذا تنقسم المسرحية إلى فصول ومشاهد أو مناظر. الفصول هي المراحل الكبرى للعمل والمشاهد هي أجزاء الفصل.والفاصل بين فصل وفصل تسمى استراحة. 3-الشعر القصصيإن الشعر القصصي *قصة تقدم شعرا أو هو شعر موزون مقفى يقدم قصة قصيرة متكاملة الأجزاء متناسقة العناصر. تطوره * الشعر العربي القديم يعنى بإبراز عواطف الشعراء الذاتية وتحديد مواقفهم من الحياة وقلما يلتفت إلى غير ذلك وهو ما جعل الشعر القصصي والمسرحي والملحمي قليلا. وما وجد فانه عبارة عن بذور لعناصر قصصية كما هو الشأن بالنسبة لقصيدة * من قصص الكرم *للحطيئة والتي يقول فيها * وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل ببيداء لم يعرف بها ساكن رسما أخي جفوة فيه من الإنس وحشة يرى البؤس فيها –من شراسته – نعمى إنها قصة ضيافة بدوية عرضها الحطيئة تامة الجوانب مكانها الصحراء وزمانها الليل أشخاصها أسرة فقيرة جائعة يقبل عليها ضيف عقدتها تتمثل في قدوم الضيف وعدم توفر الغذاء وتزداد تعقدا بالتفكير بذبح الابن ويأتي الحل بظهور قطيع من الحمر الوحشية وتنتهي القصة نهاية سعيدة. وقد تنوعت الأساليب فيها. أما في العصر الحديث *فقد لجا إلى القصة أو الأقصوصة كثير من الشعراء على رأسهم المجددون في الشعر وقد أعانهم الأسلوب القصصي على تحقيق مبادئهم في تحقيق الوحدة العضوية في الشعر. وكان المحافظون قبلهم قد حاولوا الكتابة في القصة كما فعل شوقي في شعره التعليمي يقول في قصيدة الأسد والضفدع **قالوا: استوى الليث على عرشه فجيء في المجلس بالضفدع وقيل للسلطان: هذي التي بالأمس آذت عالي المسمع تنقنق الدهر بلا علة وتدعي في الماء ما تدعي فانظر إليك الأمر في ذنبها ومر نعلقها من الأربع فنهض الفيل وزير العلا وقال: يا ذا الشرف الأرفع لا خير في الملك وفي عزه إن ضاق جاه الليث بالضفدع فكتب الليث أمانا لها وزاد أن جاد بمستنقع أما المجددون فقد أحسنوا استعمالها واستغلالها وخاصة بعد أن عرفوا القصة الغربية بخصائصها الفنية فكتب إيليا أبو ماضي الحجرالصغير والتينة الحمقاء التي يقول في مطلعها:وتينة غضة الأفنان باسقة قالت لأترابها والصيف يحتضر وقد شاعت القصص الشعرية كثيرا في دواوين المتأخرين من الشعراء. خصائص الشعر القصصي:الشعر القصصي قصة تقدم شعرا ويتسم هذا النوع من الشعر بتوافره على العناصر الفنية الأساسية للقصة وهي:السرد:ويشتمل على تقديم أحداث القصة. الوصف: ويحتوي على إبراز سمات أشخاص القصة وبيئتهم. الحوار:وهو ما يجري على السنة أشخاص القصة من حديث واستخدام هذه العناصر يتطلب التنويع في أدوات التعبير من استفهام إلى تعجب إلى أمر أو نهي... وما دامت الحياة دائمة التطور والتلون والتبدل فالأدب جزء من هذه الحياة لا بد أن يلامسه التطور حتى يواكب العصر. والشعراء العرب لم يتركوا فرصة قد تخدم أدبنا ألا أحسنوا استغلالها من اجل التغيير وإعطاء نكهة جديدة لشعرنا وإضافة أحجار كريمة إلى تاجنا المرصع الجميل.

Mohammad Magdy Eid
من قبل Mohammad Magdy Eid , رئيس فريق بقسم اللغة العربية , المتحدة جروب لتكنولوجيا المعلومات والبرمجيات

شكرًا للدعوة الكريمة

 

أتفق مع إجابات الأساتذة الكرام

المزيد من الأسئلة المماثلة

هل تحتاج لمساعدة في كتابة سيرة ذاتية تحتوي على الكلمات الدلالية التي يبحث عنها أصحاب العمل؟